الأعياد اليهودية
كلمة «أعياد» تقابلها في العبرية كلمة «חגים» (مفردها «חג»)، ويقابلها أيضاً «מועד» . وتُستخدَم كلمة חגים للإشارة إلى عيد الفصح وعيد الأسابيع وعيد المظال (أعياد الحج الثلاثة). أما كلمة «מועד» (وجمعها: מועדים)، فتشير إلى الأعياد السابقة، وكذا لعيد رأس السنة (ראש השנה ) ويوم الغفران، « هذه مواسم الرب المحافل المقدَّسة التي تنادون لها في أوقاتها » (لاويين 23/4). ويتسع النطاق الدلالي لكلمة «أوقاتها» (موعاديم) لتشير أحياناً إلى كل « المحافل المقدَّسة » ومنها السبت وعيد بداية الشهر القمري (عدد 28/11). وكان الأنبياء يشيرون إلى كل هذه الأعياد باعتبارها « المحافل المقدَّسة ». ومع هذا، تُستخدَم كلمة «موعاديم» أحياناً للإشارة إلى أعياد الحج الثلاثة وحسب. وبالتالي، فإن كلمة «موعاديم» أكثر اتساعاً في معناها من كلمة «حجيم» لأنها تشمل الدلالة على كل الأعياد. أما أيام الصوم والفرح التي يقررها اليهود أو حاخاماتهم بأنفسهم، فيشار إليها بأنها «يوم طوب»، أي «يوم طيب أو سعيد أو مبارك». ولذا، فلا يَلْزم تقديم أية قرابين أو تضحيات فيها (صموئيل أوَّل 25/8، وإستير 8/17).
وتنقسم الأعياد اليهودية إلى قسمين: الأعياد التي جاء ذكرها في التوراة، أي التي نزلت قبل التهجير، وتلك التي أُضيفت بعد العودة من بابل. ومن بين أهم أعياد القسم الأوَّل: يوم السبت (وهو ليس عيداً بالمعنى الدقيق)، وأعياد الحج الثلاثة (وهي أعياد زراعية ارتبطت بأحداث تاريخية)، وعيد الفصح، وعيد الأسابيع، وعيد المظال، وعيد الثامن الختامي (شميني عتسيريت) الذي يَعُده البعض عيداً مستقلاً، ثم أيام التكفير وهي رأس السنة اليهودية (روش هشَّاناه)، ويوم الغفران (يوم كيبور)، وأخيراً عيد القمر الجديد (روش حودش) وهو أقل أهمية من الأعياد الأخرى. أما مجموعة الأعياد التي أضيفت بعد نزول التوراة، فهي: عيد النصيب (بوريم)، وعيد التدشين (حانوخه)، وعيد لاج بعومير، والخامس عشر من آف، وعيد رأس السنة للأشجار. ومع أن التاسـع من آف يوم صوم وحداد على سـقوط القـدس وهَدْم الهيكل، فإنه يُعتبَر أيضاً عيداً. وتُعَدُّ الأيام الأولى والأخيرة في أعياد الفصح والمظال والأسابيع ورأس السنة ويوم الغفران أعياداً أساسية يُمنَع فيها العمل إلا إعداد الطعام (وحتى هذا مُحرَّم في يوم الغفران). أما الأيام التي تقع بين اليومين الأوَّل والأخير، فيُباح فيها القيام بالأعمال الضرورية. ولا يُحرَّم العمـل في الأعيـاد الأخرى، مثل النصيب والتدشين.
ويضم الاحتفال بأي عيد يهودي ثلاثة عناصر:
1 ـ المرح الذي يأخذ شكل المأدبات الاحتفالية (باستثناء يوم الغفران) والامتناع عن العمل في الأعياد المهمة.
2 ـ الأدعية والابتهالات التي تضاف إلى الصلاة (عاميدا).
3 ـ طقوس احتفالية خاصة مثل أكل خبز الفطير في عيد الفصح، وإيقاد الشموع في عيد التدشين، وزرع الأشجار في عيد رأس السنة للأشجار.
أيام الأعياد الكبرى
عيدا رأس السنة (1 ـ 2 تشري) ويوم الغفران (10 تشري) يُعَدَّان من أهم الأعياد اليهودية، وفي عيد رأس السنة تتم محاسبة جميع البـشر ويصدر الحـكم في يوم الغفران. وتُسمَّى الأيام من 1 ـ 10 تشري «ياميم نورائيم»، أي «أيام التكفير أو الندم» (حرفياً: أيام الرهبة). وقد وردت العبارة لأوَّل مرة في كتاب في القرن الرابع عشر، وهي تشير إما إلى الأيام التي أشرنا إليها أو إلى الفترة من 1 إيلول حتى يوم الغفران.
عيد رأس السنة اليهودية (روش هشاناه)
«عيد رأس السنة اليهودية» هو عيد «روش هشَّاناه» بالعبرية، أي «رأس السنة». وهو عيد يُحتفَل به لمدة يومين في أوَّل تشري (سبتمبر/أكتوبر). وقد ورد في المشناه أربعة أيام أخرى باعتبارها «رأس السنة»:
1 ـ أوَّل نيسان: أول العام وهو لتحديد حكم الملوك العبرانيين، ولتحديد الأعياد (التقويم الديني). ولذا، فإن اعتلى ملك العرش في شهر آدار،وهو آخر شهور التقويم الديني، فإن الشهر الذي يليه يشكل العام الثاني من حكمه.وعيد الفصح حسب هذا التقويم أوَّل أعياد السنة،وليس عيد رأس السنة. ويذكر التلمود أن أوَّل نيسان هو أيضاً رأس السنة لشراء القرابين بالشيقل التي يتم جمعها في آدار.
2 ـ أوَّل إيلول: هو أوَّل العام لدفع عشور الحيوانات، إذ كانت تُدفَع العشور عن الماشية التي تُولَد بين أوَّل إيلول وآخر آف.
3 ـ أوَّل تشري: أوَّل العام المدني، وتتضمن أيضاً حساب حكم الملوك الأجانب، ولحساب السنة السبتية، وعام اليوبيل. ويُحرَّم الزرع والحصاد منذ أوَّل هذا الشهر. كما يُعَدُّ تشري رأس السنة من الناحية الدينية. ويرى بعض الحاخامات أن أوَّل تشري هو رأس السنة بالنسبة إلى دفع عشور الحيوانات أيضاً، وبالتالي فلا يوجد سوى ثلاثة رؤوس للسنة حسب هذا الرأي.
4 ـ أوَّل شفاط (أو منتصف شفاط): رأس السنة للأشجار باعتبار أنه في ذلك اليوم تسـقط أكـبر كمية من الأمطار حسبما ورد في التلمود.
ومع ذلك، فإن اليهود لا يحتفلون إلا برأس السنة التي تقع أول تشري، وهي وحدها التي يُشار إليها باسم «روش هشَّاناه».
وحينما يعد يهودي شهور السنة، فإنه لا يبدأ بتشري الذي يُحتفَل فيه برأس السنة، وإنما يبدأ بنيسان (أوَّل شهور التقويم الديني)، وربما كان هذا يعود إلى أن نيسان قد ورد ذكره في التوراة على أنه رأس الشهور. وهو كذلك الشهر الذي يُحتفَل فيه بالخروج،
وهو لم يُسمَّ باسمه هذا إلا في المشناه، أي في مرحلة لاحقةالتناقض إلى أن الحضارة العبرانية كانت تدور في فلك الحضارة البابلية المتفوقة التي صبغت الشرق الأدنى القديم بصبغتها.
أهم أحداث التاريخ المقدَّس عند اليهود، وهو التاريخ الذي تم فيه خلق العالم (والحاخامات لا يتفقون جميعاً مع هذا الرأي). وهكذا وكان شهر تشري رأس السنة بالنسبة إلى البابليين («تشرينو» تعني «البداية» في اللغة البابلية) الذين كانوا يعتقدون أن كل آلهتهم تجتمع في ذلك اليوم في معبد مردوك (كبير الآلهة) لتجديد العالم، وللحكم على الأفراد والشعوب. وقد تبع العبرانيون البابليين في ذلك، وكان هذا اليوم، أي «روش هشَّاناه»، يُسمَّى «يوم هازيخارون» (يوم التذكر والذكرى) أو يوم «هدين» (يوم الحساب).
تقع رأس السنة في سابع شهورها. ويشير العهد القديم إلى هذا اليوم باعتباره أوَّل يوم في سابع شهر (لاويين 23/24).
1 ـ عيــد المظــــال (ســـوكـوت)
«عيد المظال» ترجمة لكلمة «سوكوت العبرية وتعني «المظال». وكلمة «المظال» العربية هي صيغة الجمع لكلمة «مظلة». وعيد المظال ثالث أعياد الحج عند اليهود، إلى جانب عيد الفصح وعيد الأسابيع. وقد سُمِّي هذا العيد على مدى التاريخ بعدة أسماء من بينها «عيد السلام» و«عيد البهجة».
وهو يبدأ في الخامس عشر من شـهر تشـري (أكـتوبر)، ومدته سـبعة أيام ، بعد عـيد يوم الغفران. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي إحياء ذكرى خيمة السعف التي آوت العبرانيين في العراء أثناء الخروج من مصر (لاويين 23/43). وكان هذا العيد في الأصل عيداً زراعياً للحصاد، فكان يُحتفَل فيه بتخزين المحاصيل الزراعية الغذائية للسنة كلها، ولذا فإنه يُسمَّى بالعبرية «حج ها آسيف»، أي «عيد الحصاد». وقد جاء في سفر اللاويين إشارة إلى هذا العيد (23/40).وقد جاء في سفر اللاويين إشارة إلى هذا العيد. ويتم الاحتفال بأن يأخذ اليهود النباتات الأربعة « ثمر أشجار بهجة وسعف النخل وأغصان أشجار غبياء وصفصاف الوادي » المشار إليها، فيمسكوا بالأغصان بيمناهم بعد ربطها بطريقة خاصة ويلوحوا في كل اتجاه (شرقاً وغرباً، وإلى الجنوب والشمال، وإلى أعلى وأسفل) رمزاً إلى أن الإله هو رب الطبيعة. ويؤخذ أحد الأسفار من تابوت لفائف الشريعة ويوضع على المنصة الذي يتلو فيه القارئ (بيماه) فيدور المصلون حوله مرة إلا في اليوم الأخير حيث تؤخذ كل الأسفار ويدورون حولها سبع مرات. وبعد ذلك، يقيمون في أكواخ مصنوعة من أغصان الشجر في الخلاء تُدعى «سوكاه». ولابد أن يصنع اليهودي هذه الأكواخ بنفسه، أو على الأقل يشارك في صنعها. ويُكتفَى الآن في الدول الغربية الباردة بعمل مظلة صغيرة من السعف، تُنصَب في إحدى الشرفات بالسكن، ويتناولون فيها وجبات الطعام. وقد يُكتفى ببـناء سـوكاه بجوار المعبد اليهودي حيث يتناول فيها اليهود وجبة رمزية، على أن يقضوا ليلتهم في بيوتهم.
2 ـ عيـد يــوم الغفــران (يـوم كـيبور)
«يوم الغفران» ترجمة للاسم العبري «يوم كيبور». وكلمة «كيبور» من أصل بابلي ومعناها «يطهر». والترجمة الحرفية للعبارة العبرية هي «يوم الكفارة». ويوم الغفران هو في الواقع يوم صوم، ولكنه مع هذا أضيف على أنه عيد، فهو أهم الأيام المقدَّسة عند اليهود على الإطلاق ويقع في العاشر من تشري (فهو، إذن، اليوم الأخير من أيام التكفير أو التوبة العشرة التي تبدأ بعيد رأس السنة وتنتهي بيوم الغفران). ولأنه يُعتبَر أقدس أيام السنة، فإنه لذلك يُطلَق عليه «سبت الأسبات»، وهو اليوم الذي يُطهِّر فيه اليهودي نفسه من كل ذنب. وبحسب التراث الحاخامي، فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية ، ومعه لوحا الشريعة ، حيث أعلن أن الرب غفر لهم خطيئتهم في عبادة العجل الذهبي. وعيد يوم الغفران هو العيد الذي يطلب فيه الشعب ككل الغفران من الإله. ولذا، فإن الكاهن الأعظم كان يقدم في الماضي كبشين (قرباناً للإله نيابة عن كل جماعة يسرائيل) وهو يرتدي رداءً أبيض (علامة الفرح) وليس رداءه الذهبي المعتاد. وكان الكاهن يذبح الكبش الأوَّل في مذبح الهيكل ثم ينثر دمه على قدس الأقداس. أما الكبش الثاني، فكان يُلقَى من صخرة عالية في البرية لتهدئة عزازئيل (الروح الشريرة)، وليحمل ذنوب جماعة يسرائيل ولا يزال بعض اليهود الأرثوذكس يضحون بديوك بعدد أفراد الأسرة بعد أن يُقرَأ عليها بعض التعاويذ.
وهناك طقس يُسمَّى «كابَّاروت» يقضي بأن يمسك أحد أفراد الأسرة بدجاجة ويمررها على رؤوس البقية حتى تعلق ذنوبهم بالدجاجة. وفي هذا العيد، كان الكاهن الأعظم يذهب إلى قدس الأقداس ويتفوه باسم الإله «يهوه» الذي يُحرَّم نطقه إلا في هذه المناسبة. ولا تزال لطقـوس الهيكل أصداؤها في طقـوس المعـبد اليهـودي في الوقت الحاضر، إذ يُلف تابوت لفائف الشريعة بالأبيض في ذلك اليوم على عكس التاسع من آف حيث يُلف بالأسود.
ويبدأ الاحتفال بهذا اليوم قبيل غروب شمس اليوم التاسع من تشري، ويستمر إلى ما بعد غروب اليوم التالي، أي نحو خمس وعشرين ساعة، يصوم اليهود خلالها ليلاً ونهاراً عن تناول الطعام والشراب والجماع الجنسي وارتداء أحذية جلدية، كما تنطبق تحريمات السبت أيضاً في ذلك اليوم، وفيه لا يقومون بأي عمل آخر سوى التعبد. والصلوات التي تُقام في هذا العيد هي أكثر الصلوات اليومية لليهود وتصل إلى خمس، وهي الصلوات الثلاث اليومية مضافاً إليها الصلاة الإضافية (مُوساف) وصلاة الختام (نعيَّلاه)، وتتم القراءة فيها كلها وقوفاً. وتبدأ الشعائر في المعبد مساءً بتلاوة دعاء كل النذور ويختتم الاحتفال في اليوم التالي بصلاة النعيلاه التي تعلن أن السماوات قد أغلقت أبوابها. ويهلل الجميع قائلين: «العام القادم في القدس المبنية»، ثم يُنفخ في البوق (الشوفار) بعد ذلك.
3 ـ عيد التدشين (حانوخه )
«عيد التدشين» هو الاسم العربي لعيد «حانوخه» وهي كلمة عبرية معناها «التدشين». ويستمر عيد التدشين ثمانية أيام بدءاً من الخامس والعشرين من كسلو (يقابل ديسمبر) حتى 3 تيفت. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي دخول يهودا الحشموني (أو المكابي) القدس وإعادته للشعائر اليهودية في الهيكل. من هنا كانت تسميته بعيد التدشين. ويُقال إن يهودا المكابي، حينما دخل الهيكل، وجد أن الزيت الطاهر الذي يحمل ختم الكاهن الأعظم لا يكفي إلا يوماً واحداً (وكان من الضروري أن تمر ثمانية أيام قبل إعداد زيت جديد كما تقضي التوراة). فحدثت المعجزة، واستمر الزيت في الاحتراق مدة ثمانية أيام بدلاً من يوم واحد ولذلك، صُمِّم لهذا اليوم شمعدان مينوراه خاص من تسعة أفرع، فتُوقَد شمعة في الليلة الأولى، ثم تُضاف ثانية في اليوم التالي، وهكذا حتى اليوم الثامن. وتُقرَأ بعض الفقرات من سفر العدد، ثم يُضاف وصف لمعجزة الحانوخه في تلاوة العميداه أثناء الصلاة
شمعتان في اليوم التالي، وهكذا إلى أن تُوقَد الشموع الثمانية. وكان رب الأسرة يتلو دعاءً، وتُنشد الأسرة أغنية بسيطة لشكر الإله وقد قرر الحاخامات أن تُقرَأ فقرات من سفر زكريا (4/6) وقد أراد الحاخامات بذلك أن يقللوا من شأن الجانب العسكري للعيد، وأن يركزوا على الجانب الروحي. ولكن العكس يحدث الآن في الأوساط اليهودية تحت تأثير الصهيونية، وفي الدولة الصهيونية على وجه الخصوص، إذ يبالغون في الاحتفال بهذا العيد وفي تأكيد الجانب القومي .
وعيد التدشين ليس في الواقع من الأعياد التي وردت في العهد القديم. وقد كان هذا العيد عيداً بلا أهمية كبيرة. ولذا، فهو العيد الوحيد (باستثناء عيد النصيب) الذي لا يُحرَّم فيه العمل. وكان يُحتفَل به بطريقة بسيطة جداً، فتُوقَد شمعة واحدة في أول يوم، ثم شمعتان في اليوم التالي، وهكذا إلى أن تُوقَد الشموع الثمانية. وكان رب الأسرة يتلو دعاءً، وتُنشد الأسرة أغنية بسيطة لشكر الإله يشار فيها إلى السلوقيين بوصفهم " الكلاب" (حرفياً: العدو الذي ينبح). وكان الأطفال يلعبون لعبة بسيطة. ولم تكن أيام عيد ولم تكن أيام عيد التدشين تختلف عن أيام الأسبوع الأخرى. ولكن العيد بحكم توقيته (الخامس والعشرين من ديسمبر) يقع في الفترة نفسها التي يحتفل فيها المسيحيون بأهم أعيادهم (عيد الميلاد).
4 ـ عيد النصيب (بوريم)
«عيد النصيب» هو الاسم العربي لعيد البوريم، و«بوريم» كلمة عبرية مشـتقة من كلمة «بـور» أو «فـور» البابلية ومعناها «قرعة» أي «نصيب». وكان عيد النصيب يُدعى أيضاً «يوم مسروخت» إشارة إلى «الباروكة» التي كان يرتديها الشخص في عيد النصيب في القرن الأول قبل الميـلاد (وقد سـمَّى العرب هذا العيد «عيد الشجرة» أو «عيد المساخر»). وعيد النصيب يُحتفَل به في الرابع عشر من آدار. وهو عيد بابلي، كانت الآلهة البابلية تُقرِّر فيه مصير البشر. ويوم الرابع عشر من آدار هو اليوم الذي أنقذت فيه إستير يهود فارس من المؤامرة التي دبرها هامان لذبحهم، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم بعض اليهود ما
يُسمَّى «صوم (تعنيت) إستير»، إحياءً لذكرى الصوم الذي صامته إستير وكل اليهود في شوشانه قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات هامان (حسب الرواية التوراتية). وكان قد تقرَّر بالقرعة (أي بالنصيب) أن يكون يوم الذبح في الثالث عشر من آدار ـ ومن هنا التسمية.
ويحتفل اليهود بهذا العيد بأن يقرأ أحدهم سفر إستير من إحدى اللفائف الخمس (أي من مخطوطة خاصة مكتوبة بخط اليد) ليلة العيد وفي يوم العـيد نفسه. ويتعيَّن على الجمـيع، وضمن ذلك النسـاء والأطفال، أن ينصتوا إلى القارئ. ويصاحب هذا العيد الكثير من الصخب، إذ كان اليهود عند ذكر اسم هامان، أثناء قراءة سفر إستير، يُحدثون جلبة أو يدقون بالعصى التي في أيديهم وكأنهم يضربون هامان وينكلون به. ويتوقف القارئ تماماً عن التلاوة حتى يتلاشى الصوت، ثم يتلو مرة أخرى إلى أن يصل إلى كلمة «هامان» مرة أخرى. ويقدم اليهود في هذا العيد الهدايا إلى الأصدقاء والمحتاجين، كما أن الأسر تتبادل الطعام. ومن العادات الأخرى، تناول فطيرة خاصة يدعونها «أذن هامان». وكذلك كان أعضاء الجماعات يحتفلون بالعيد بارتداء الأقنعة .
5 ـ عيد الفصح أو الفسح
«عيد الفصح» أو «عيد الفسح» هو المصطلح المقابل العربي للكلمة العبرية «بيساح». ويبدأ عيد الفصح في الخامس عشر من شهر نيسان ويستمر سبعة أيام في إسرائيل (وعند اليهود الإصلاحيين) وثمانية أيام عند اليهود المقيمين خارج فلسطين. ويُحرَّم العمل في اليومين الأول والأخير (وفي اليومين الأولين واليومين الأخيرين خارج فلسطين). وتُقام الاحتفالات طوال الأيام السبعة.
أما الأيام الأربعة الوسطى فيلتزم فيها بتناول خبز الفطير دون أن يقترن ذلك بطقوس احتفالية كبرى. وعيد الفصح أول أعياد الحج اليهودية الثلاثة. وإذا أخذنا المغزى التاريخي للعيد، فإنه يُشار إليه بالأسماء التالية:
1 ـ «حج البيساح». و«بيساح» كلمة عبرية تعني «العبور» أو «المرور» أو «التخطي»، ومن هنا التسمية الإنجليزية (باس أوفر) إشارةً إلى عبور ملك العذاب فوق منازل العبرانيين دون المساس بهم وإشارةً إلى عبور موسى البحر.
2 ـ وهـو أيضـاً العـيد الـذي كـان يُضـحَّى فيه بجمل أو جدي (باشال).
3 ـ وهو كذلك عيد خبز الفطير غير المخمر (حج هامتسوت).
4 ـ يُحتفَل في هذا العيد بذكرى نجاة شعب يسرائيل من العبودية في مصر (زمن حيروتينو) ورحيلهم عنها.
أما إذا نظرنا إلى معنى العيد الطبيعي أو الكوني، فإنه يشار إليه بأنه «عيد الربيع». ويكون العبور هنا هو عبور الشتاء وحلول الربيع محله (حج هاآبيب).
ويذكر سيسل روث أن كلمة «بيساح» نفسها لا تعني العبور وحسب، وإنما هي مأخوذة من جذر بمعنى «يرقص» أو «يقفز». ولعل هذا يربط بين كل المعاني التاريخية والطبيعية السابقة. وهكذا نجد أن ميلاد الشعب بالخروج من مصر، وميلاد الطبيعة والكون، شيئان متداخلان تمام التداخل في إطار البنية الحلولية اليهودية.
ويبدأ العيد بليلة التفتيش عن الخميرة. ويجب على اليهودي فيها أن يتأكد من أن أية خميرة تصلح للخبز قد أُبعدت عن البيت تماماً، ثم بعد ذلك يبدأ الاحتفال نفسه، ويُسمَّى «سدَر»، وهي كلمة عبرية معناها «نظام». ويتَّبع السدَر نظاماً محدَّداً فيُقرأ القيدوش في البداية ويحمد اليهودي الإله على أنه أعطى جماعة يسرائيل أعيادها، ثم تُغسَل الأيدي فيما يشبه الوضوء. وتدور معظم الطقوس حول أمرين: مائدة الفصح، وحكاية الفصح. فتوضع على مائدة الفصح حزمة من النباتات المرة كالخس أو الشيكوريا أو الكرفس (مارور)، ثم كأس من الماء المالح أو المخلوط بالخل (رمز الحياة القاسية التي عانوا منها في مصر، ورمز دموع جماعة يسرائيل) أو المأكولات الكريهة على النفس (مثل تلك التي أكلها أسلافهم أثناء الفرار في الصحراء)، وبجانب ذلك يوضع شيء من الفاكهة المهروسة أو المدقوقة في الهون والمنقوعة في النبيذ (رمز الملاط الذي كانوا يستخدمونه في البناء في مصر)، كما يوضع ذراع خروف مشوي (تذكرةً بالحمل الذي كان يُضحَّى به)، وبيضة مسلوقة (تذكرةً بقربان العيد). ولنا أن نلاحظ أن التفسيرات التي أوردناها للطقوس لا يأخذ بها كل اليهود، كما أنها ظهرت في فترة لاحقة لظهور الطقوس نفسها. ولكن أهم شيء على مائدة الفصح هو خبز المتسوت أو خبز الفطير الذي لا تداخله خميرة، والذي لا يأكل اليهود سواه طيلة هذا اليوم؛ تذكيراً لهم بأنهم عند فرارهم مع موسى من وجه فرعون لم يكن لديهم وقت للتأنق في الخبز والانتظار على العجين (حسب تفسير الحاخامات)، أو يُقال لأن الخميرة تشبه الشر المخبأ (حسب تفسير القبَّالاه). ويوضع على مائدة عيد الفصح ثلاثة أرغفة من خبز الفطير ترمز إلى كلٍّ من الكهنة واللاويين وجماعة يسرائيل. ومن يأكل خبزاً مخمراً في هذا اليوم ينظر إليه وكأنه انفصل عن الشعب اليهودي انفصالاً كاملاً. وقد يضيف البعض رغيفاً رابعاً رمزاً لليهود المضطهدين في بعض بلاد العالم.
ويتم تناول هذه الأطعمة والمأكولات حسب نظام معيَّن، فتُغمس الأعشاب في الماء المالح، ويُكسر رغيف الفطير الأوسط، ويُخبأ نصفه ليبحث الأطفال عنه ولا يؤكل هذا النصف إلا بعد نهاية الوجبة.
عيد الأسابيع (شفوعوت)
«عيد الأسابيع» يشار إليه بالعبرية بكلمة « شفوعوت» أي «الأسابيع». وعيد الأسابيع أحد الأعياد اليهودية المهمة، فهو من أعياد الحج الثلاثة، مع عيد الفصح وعيد المظال جنباً إلى جنب. ويأتي هذا العيد بعد سبعة أسابيع من عيد الفصح ومن هنا تسميته. ومدة هذا العيد يومان، هما السادس والسابع من شهر سيفان (9 - 10 يونيه)، وهو بهذا يُعتبَر من أعياد الحصاد.
وكان يهود مصر الذين لا يعرفون العبرية يسمونه باليونانية «بنتيكوست»، ويعني «الخمسين»، لأنه كان يقع بعد مرور تسعة وأربعين يوماً، أو بعد سبعة أسابيع من اليوم الذي يقدِّم فيه الفلاحون اليهود أولى ثمار الحصاد (بكوريم)، مع رغيفين، إلى الكهنة في الهيكل. لكن هذا العيد ليس عيداً زراعياً وحسب، وإنما هو أيضاً عيد له مناسبة تاريخية، وهي نزول التوراة والوصايا العشر على موسى فوق جبل سيناء، فهو إذن عيد زواج الإله بالشعب. ولذا، فهم يزينون المعابد بالزهور والنباتات ويقيمون حفل زفاف للتوراة وكأنها عروس. أما في التراث القبَّالي، فإن الليلة السابقة على العيد هي الليلة التي تُعدُّ فيها العروس نفسها للزواج من العريس.
ويُقرَأ في هذا العيد سفر راعوث، وهي امرأة من مؤاب تهودت وأظهرت ولاءً للشعب اليهودي. ويُقال أيضاً إن الملك داود، وهو من نسل راعوث، تُوفي في ذلك اليوم. كما تَرد في سفر راعوث إشارة إلى الشعير والقمح. وفي إسرائيل يأخذ أعضاء مزارع الكيبوتس والموشاف باكورة إنتاج الأرض، ويقدمونه لا إلى الهيكل، وإنما إلى الصندوق القومي اليهودي.
التاسع من آف
«التاسع من آف» ترجمة لعبارة «تشعاه بآف» العبرية. وهو يوم صوم وحداد عند اليهود في ذكرى سقوط القدس وهدم الهيكلين الأول والثاني (وهما واقعتان حدثتا في التاريخ نفسه تقريباً حسب التصور اليهودي). وتربط التقاليد اليهودية بين هذا التاريخ وكوارث يهودية أخرى يُقال إنها وقعت في اليوم نفسه، حتى وإن كان الأمر ليس كذلك، مثل: سقوط قلعة بيتار (135م)، وطرد اليهود من إنجلترا (1290)، وطردهم من إسبانيا (1462).
ويُقرَأ كتاب المراثي في المعبد اليهودي بعد صلاة المساء في هذا العيد. كما تُقرأ أثناء صلاة الصباح، أو بعدها، مراث تتناول كوارث التاريخ اليهودي في ضوء شموع خافتة، ويجلس المصلون إما على الأرض أو يجلسون على مقاعد منخفضة (علامة الحداد). ويزور اليهود المدافن في ذلك اليوم، ويصلون من أجل عودة جماعة يسرائيل إلى فلسطين. وفي التاسع من آب، يُحرَّم الاستحمام والأكل والشرب والضحك والتجمل، ولا يحيي المصلون بعضهم البعض في ذلك اليوم.
بهجة التوراة (سمحات توراه)
«بهجة التوراة» ترجمة لعبارة «سمحات توراه» العبرية، وهو عيد يلي اليوم الثامن الختامي (شميني عتسيريت) وهو اليوم الأخير من عيد المظال. وخارج فلسطين، يُدمَج العيدان، ويُحتفَل بهما في يوم واحد. وهو عيد ظهر متأخراً في العراق (في القرن التاسع أو العاشر). وهو أيضاً اليوم الذي تُختَتم فيه الدورة السنوية لقراءة أسفار موسى الخمسة في المعبد. ويُحتفَل به داخل المعبد بأن تُحمَل لفائف الشريعة، ثم يتم الطواف بها سبع مرات (أما الأولاد، فإنهم يحملون الأعلام الصغيرة ويسيرون أمام الكبار). ويُسمَّى كل طواف باسم أحد الآباء؛ فالطواف الأول باسم إبراهيم، والثاني باسم إسحق، والثالث باسم يعقوب، والرابع باسم موسى، والخامس باسم هارون، والسادس باسم يوسف، والسابع باسم داود.
ويُقرَأ في هذا الاحتفال آخر سفر من أسفار موسى الخمسة. والمصلي الذي يقوم بالقراءة يُطلَق عليه اسم «عريس التوراة». ثم يُدعَى مصلٍّ آخر، ويُسمَّى «عريس سفر التكوين» ليبدأ الدورة السنوية لقراءة أسفار موسى الخمسة مرة أخرى. ويُسمَّى القارئ باسم «العريس» لأن التوراة عروس جماعة يسرائيل، وكل قراءة جديدة هي بمثابة حفل عرس متجدد.
وقد سُمِّي هذا العيد بعدة تسميات، إلى أن استقر اسمه على ما هو عليه. ففي فترة التلمود، كان يُسمَّى «آخر أيام العيد». وعلى أيام الفقهاء (جاءونيم)، كان يُسمَّى «يوم الكتاب» و «يوم النهاية». ولم يُسمَّ «سمحات توراه» إلا في آخر أيام هؤلاء الفقهاء.
السنة السبتية (شنة شميطاه) وسنة اليوبيل
السنة السبتية» (بالعبرية: «شنة شميطاه») هي السنة التي يجب أن تُراح فيها الأرض، وكلمة «شميطاه» كلمة عبرية معناها «تبوير الأرض لإراحتها». وقد جاء في العهد القديم، في سفر اللاويين وفي مواضع أخرى، أن الإله يأمر شعبه بأن يزرع الأرض ست سنوات على أن يريحها في السنة السابعة.وكل ما ينمو على الأرض في هذه السنة يُصبح ملكاً مشاعاً للجميع يُحرَّم الاتجار فيه، كما تصبح كل الديون بين اليهود وكأنها قد وُفيِّت ودُفعت، كما يُحرَّر العبيد اليهود في هذه السنة.
« ويُلاحَظ أن شعائر السنة السبتية تنطبق على فلسطين وحدها،أما الشعائر الخاصة بالديون فتنطبق على أعضاء الجماعات اليهودية أينما كانوا.
ولا شك في أن الدافع وراء الاحتفال بالسنة السبتية ديني قومي. فهو، من ناحية، تنفيذ لكلمة الإله وتعبير عن الإيمان بأن الأرض هي ملك له وحده يهبها من يشاء.
وتتسع دائرة سنة الراحة حتى إنه، بعد سبع دورات كل دورة فيها مكونة من سبعة أعوام، تحل السنة الخمسون التي يُطلَق عليها «سنة اليوبيل» نسبة إلى كلمة «يوبيل»، وهي كلمة عبرية تشير إلى «قرن الكبش» (أي بوق الشوفار). وفي سنة اليوبيل، تُطبَّق كل شعائر السنة السبتية وتُضاف إليها شعيرة أخرى، وهي إعادة الأرض المرهونة إلى أصحابها، كما تُعاد الأرض المبيعة إلى ملاكها الأصليين، وكأن من اشتراها قد استأجرها وحسب طيلة هذه المدة، ولا يبقى سوى الأرض الموروثة في حوزة صاحبها.
وقد أفتى بعض علماء اليهود بأن طقوس سنة اليوبيل لا تُنفَّذ إلا بعودة جميع اليهود واستيطانهم في فلسطين (ذلك لأن الاحتفال بها يؤدي إلى مجاعة،باعتبار أن السنة الخمسينية اليوبيلية تتبع عادةً سنة سبتية،أي السنة السابعة في الدورة السابعة).
وقد تسبَّبت السنة السبتية في التضييق على اليهود إذ كان أصحاب الأموال يرفضون إقراضها خشية إلغاء الديون في السنة السبتية.
ولذا، فقد أصدر الحاخامات ما سُمِّي «بروزبول»، وهي كلمة يونانية معناها «قبل المجلس» تمنع إلغاء الديون في السنة السبتية.
عيد الثامن الختامي (شميني عتسيريت)
«الثامن الختامي» تُطابق العبارة العبرية «شميني عتسيريت». وعيد الثامن الختامي عيد يهودي مستقل عن عيد المظال، ولكنه ضُم إليه كيوم ثامن. ولا يُعرَف السبب في الاحتفال بهذا العيد، وإن كان من الواضح أنه عيد زراعي قديم، إذ يتم فيه ترديد دعاء خاص بطلب نزول المطر، وذلك أثناء دعاء الصلاة الإضافية (مُوساف). فقد جاء في سفر اللاويين (23/36): « في اليـوم الثامـن يكون لكم محفـل مقـدَّس ». ويُضـاف يوم تاســع للاحتفال خارج فلسطـين، وهو يـوم بهجة التوراة (سمحات توراه). أما في فلسطين، فإنهم يحتفلون ببهجة التوراة وعيد الثامن الختامي في يوم واحد.
عيد رأس السنة للأشجار
«رأس السنة للأشجار» هي ترجمة للعبارة العبرية «روش هشَّاناه لا إيلانوت». ويُحتفَل بهذا العيد في السادس عشر من شفاط حسب مدرسة هليل، والأول من شفاط حسب مدرسة شماي. وهو اليوم الذي يجب بعده أن يحسب اليهودي عشور النباتات التي كان عليه أن يقدمها للهيكل، فأي ثمار بعد ذلك التاريخ تجب عليها العشور. ولم ترد في التلمود أية إشارات إلى طريقة محددة للاحتفال بهذا العيد، وإن كان من المعروف أنه يُحرَّم فيه الصوم. وقد اكتسب العيد دلالة خاصة لدى القبَّاليين حيث تكتسب الشجرة في رؤيتهم للكون دلالة ومركزية. ويحتفل الإشكناز بتناول أنواع معيَّنة من الفواكه، وخصوصاً التي تنبت في فلسطين. أما السفارد، فإنهم يحتفلون به بطريقة مركبة، إذ يأكلون خمسة عشر نوعاً مختلفاً من الفواكه. ويُصاحب ذلك قراءة نصوص مناسبة من العهد القديم والتلمود والزوهار. وفي إسرائيل، فإن هذا العيد قد أصبح العيد القومي للشجرة حيث يقوم أطفال المدارس بغرس الأشجار.
عيد القمر الجديد
«القمر الجديد» هي ترجمة للعبارة العبرية «روش حودش». ويُحتفَل به بعد رؤية القمر الجديد كل شهر. وكان العبرانيون يمتنعون عن العمل في هذا اليوم ويذهبون إلى الهيكل، ولعله كان استمراراً لأحد أعياد القمر الوثنية. ولكن الطقوس الاحتفالية قد اختفت بعد العودة من بابل (إلا النساء، فكن يُمنحَن إجازة في ذلك اليوم مكافأة لهن على إحجامهن عن إعطاء حليهن لصنع العجل الذهبي). ولكن اليوم، مع هذا، لم يفقد أهميته إذ أن تحديد التقويم (وأوَّل يوم في الشهر) كان من أهم الوظائف التي يضطلع بها السنهدرين. وفي هذا اليوم، يُحرَّم الصوم والحداد.
لاج بعـــومير
كلمة «لاج» معناها «الثالث والثلاثون»، أما «عومير» فمعناها «حزمة من محصول الشعير». وهو عيد يهودي غير مهم يُحتفَل به في يوم 18 إيار، أي في اليوم الثالث والثلاثين من فترة السبعة أسابيع الممتدة من ثاني أيام عيد الفصح حتى عيد الأسابيع. وفي هذا اليوم، يتم إنهاء فترة الحداد ويُسمح بالزواج وبقص الشعر.
ولا تُعرَف المناسبة التي من أجلها يُحتفل بهذا العيد. ويُقال إنه انتهى في هـذا اليوم الوباء الذي انتـشر بين تلاميـذ الحاخـام عقيبا. ولذا، فإنه يُسمَّى «عيد العلماء». ولكن جاء أيضاً في بعض الأقوال الحاخامية الأخرى أنه اليوم الذي حدث فيه طوفان نوح، وأنزل فيه الإله المن من السماء. وفي العصور الوسطى، اعتُبر أن هذا اليوم اليوم الذي مات فيـه الحاخام سـيمون بار يوحاي الذي يُنسَب إليه الزوهار. ولذا، يحتفى القبَّاليون بهذا اليوم. وقد أصبح قبره في الجليل مزاراً يحج إليه الحسيديون في ذلك اليوم، فيأتون بأطفالهم ليقصوا شعورهم لأول مرة ويُشعلوا النيران ويرقصوا طيلة الليل. ويُحتفَل بهذا العيد في إسرائيل حتى الوقت الحالي.
السبت :-
«السبت» الترجمة العربية لكلمة «شايات» العبرية المشتقة من كلمة «شبتو» البابلية التي كان يستخدمها البابليون للإشارة إلى أيام الصوم والدعاء، وإلى مهرجان القمر المكتمل (البدر). والسبت هو العيد الأسبوعي أو يوم الراحة عند اليهود، ويُحرَّم فيه العمل. وبحسب ما يقوله الحاخامات، فإن الإله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استراح في اليوم السابع. ولذلك، فإنه بارك هذا اليوم وقدَّسه، وحرَّم فيه القيام بأي نشاط. وقد جاء أكثر من نص صريح في التوراة يفيد هذا المعنى (تكوين 2/1 ـ 3). ويرى آخرون أن تحريم العمل يوم السبت يعود إلى أن الإنسان ند للإله وشريك في عملية الخلق، فالإله عمل ثم استراح، والإنسان يعمل بدوره في الخلق ثم عليه أن يستريح، وهذا تعبير عن الطبقة الحلولية في التركيب الجيولوجي اليهودي. ويرى فريق ثالث أن تقديس السبت إحياء لذكرى خروج اليهود من مصر وتخليصهم من العبودية. وتؤكد أسفار موسى الخمسة، في غير موضع، ضرورة الحفاظ على شعائر السبت كعهد دائم بين الإله وجماعة يسرائيل. وبذلك يصبح السبت إحدى علامات الاصطفاء، وإقامة هذه الشعائر يُعجِّل بقدوم الماشيَّح.
ولم يكن عند اليهود خطيئة تفوق عدم المحافظة على شعائر السبت إلا عبادة الأوثان. ولهذا، فإن عقوبة خَرْق شعائر السبت الإعدام رجماً. ويُحرَّم على اليهودي، يوم السبت، أن يقوم بكل ما من شأنه أن يشغله عن ذكر الإله، مثل العمل وإيقاد النار، وضمن ذلك النار التي تُوقَد للطهو أو التدفئة. وكذلك يُحرَّم السفر، بل المشي مسافة تزيد على نصف ميل، ويُحرَّم كذلك إنفاق النقود أو تسلُّمها، كما تُحرَّم الكتابة. كذلك يرى البعض أن اليهودي المتمسك بتعاليم دينه لا يخرج من بيته يوم السبت، إلا وقد تأكد من أن جيوبه ليس فيها أقلام، أو أوراق أو نقود أو كبريت، إذ يجب ألا يحمل أي شيء سوى التوراة، أو كتاب الصلوات (غير أن أحد الحاخامات أحلوا حمل التوراة والسيف معاً في يوم السبت لأنهما أُرسلا معاً من السماء). وفي التلمـود جزء كامل عن الأفعـال المحرم على اليهودي القيام بها يوم السبت.
وتبدأ الاحتفالات بالسبت منذ دخوله قبل غروب شمس يوم الجمعة ببضع دقائق، وتنتهي بخروجه عشية الأحد، فتشعل ربة البيت شمعتين (شموع السبت)، وتضع على المائدة رغيفين لكل وجبة من الوجبات الثلاث. والرغيفان ذكرى للطعام الذي أرسله الإله لجماعة يسرائيل في البرية، ويكونان على شكل جدائل رمزاً لإكليل العروس (إذ أن السبت يُرمز له بالعروس في التراث القبَّالي). كما تُعدُّ ربة البيت الوجبات نفسها مقدماً لأن العمل محرَّم في ذلك اليوم. ويُغطَّى الطعام بالمفرش، ثم يأتي الأطفال فيباركهم الأبوان، ثم تمسك ربة البيت بكأس الخمر وتقرأ دعاء مقدم السبت (قيدوش) ثم تبارك التوابل أضواء الشموع. وتُختتَم الاحتفالات بقراءة دعاء انتهاء السبت (هافدالاه).
وقد كبَّلت شعائر السبت اليهود أيما تكبيل، وهو ما اضطرهم إلى الانعزال عن الآخرين والتكتل في جماعات طائفية منغلقة. لكن اليهود كانوا يتخطون على الدوام كثيراً من التحريمات من خلال التحلة (التصريح) والرخصة التي تأخذ شكل التفاف حول الشريعة عن طريق فتوى يصدرها أيٌّ من الفقهاء اليهود. فمثلاً يقوم بعض اليهود بوضع طعام يوم السبت على بعد نصف ميل من منزلهم، وبالتالي يصبح هذا المكان هو منزلهم، ويمكنهم من ثم أن يسيروا مسافة نصف ميل أخرى. كما يقوم اليهود أحياناً باستخدام الأغيار في القيام بالأعمال المحرمة مثل إيقاد النار، وهذا ما يُطلَق عليه «جوي السبت». وتقوم القوات المسلحة الإسرائيلية باستئجار عرب للقيام بهذه المهمة. ولما كان من الواجب على اليهودي ألا يطلب من غير اليهودي القيام بالمهمة بشكل مباشـر، فإنه يلمـح إلى ذلك وحـسب، فإن أراد أن يشعل ناراً للتدفئة قال: «الجو بارد هنا». وهناك أشكال أخرى للتحلة يمارسها اليهود في إسرائيل وخارجها. كما أفتى أحد الحاخامات أنه لا مانع من أن تقوم القرود أو الكلاب المدربة على إطفاء الأنوار (يوم السبت) والقيام بأعمال منزلية أخرى، إذا لم تكن هذه الحيوانات من ممتلكات العائلة (ففي هذه الحالة تُعتبَر جزءاً من الأسرة) وعليها أن ترتاح مع باقي أعضاء الأسرة.
دعاء مقدم السبت ( قيدوش ) :-
«دعاء مقدم السبت» عبارة تقابل كلمة «قيدوُّش» العبرية والتي تعني «تقديس».والقيدوش دعاء يُتلى احتفالاً بمقدم يوم السبت والأعيـاد اليهـودية. وتُتلى الأدعـية فـوق كأس من الخمر قبل تناول الطعام،ويقوم رب الأسرة بترتيل الدعاء،ثم يجيب الجميع قائلين «آمين».
ويقابل دعاء القيدوش دعاء الهفدالاه الذي يعلن نهاية شعائر السبت. ولا يزال دعاء القيدوش جزءاً أساسياً من الشعائر الأرثوذكسـية والمحـافظة، ويحافظ عليه أيضـاً اليهود الإصلاحيون.
دعاء انتهاء السبت ( هفدالاه ) :-
«دعاء انتهاء السبت» هي المقابل العربي لكلمة «هفدالاه» العبرية ومعناها «تمييز». والهفدالاه عبارة عن دعاء يأخذ شكل ابتهالات تُتلى على النبيذ والتوابل الشمع احتفالاً بانتهاء شعائر السبت، وهي بذلك تقابل القيدوش الذي تبدأ به الشعائر. وأهم الابتهالات هي تلك التي تشير إلى التمييز بين اليوم المقدَّس الذي سينتهي واليوم العادي الذي سيبدأ، وبين النور والظلام، وبين اليهود والأغيار، وبين يوم الراحة المقدَّس وأيام العمل الستة الأخرى. وليس بإمكان اليهودي أن يستأنف نشاطه العادي إلا بعد تلاوة هذا الدعاء. ويبدو أن الدعاء يعود إلى أيام المجمع الأكبر.
....
للتواصل
تابعونا على يوتيوب
تابعونا على فيس بوك
02-01014856260